للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا (٩٢) إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (٩٥) } [مريم: ٨٨-٩٥] ومع هذا فهؤلاء أقرب إلى الإثبات، وإلى العلم من إثبات مباينة لا تعقل بحال، وهو مباينة من قال لا داخل العالم ولا خارجه، فإن هذه ليست كشيء من المباينات المعروفة، التي أدناها مباينة العرض للجسم، أو للعرض بحقيقته؛ فإن ذاك يقتضي أن يكون أحدهما في الآخر، أو يكون كلاهما في محل واحد، وإذا كان هؤلاء النفاة، لم يثبتوا له مباينة تعقل وتعرف، بين موجودين علم أنه في موجب قولهم معدومًا، كما اتفق سلف الأمة وأئمتها، على أن ذلك حقيقة قول هؤلاء الجهمية، الذين يقولون: إنه ليس فوق العرش، أنهم جعلوه معدومًا، ووصفوه بصفة المعدوم.

يدل على ذلك أن هذا الرازي، جعل مباينته لخلقه، من جنس مباينته للحيز، ولا يجب أن يكون موجودًا كما تقدم، فعلم أنهم أثبتوا مباينته للعالم من جنس مباينة الموجود للمعدوم، أو من جنس مباينة المعدوم للمعدوم، والعالم موجود لا ريب فيه؛ فيكونون قد جعلوه بمنزلة المعدوم. وهذا هي حقيقة قولهم. وإن كانوا قد لا يعلمون ذلك؛ فإن هذا حال الضالين.

<<  <  ج: ص:  >  >>