على العالم، إن كان بمدة متناهية لزم حدوث البارئ، وإن كان بمدة لا أول لها، لزم كون المدة قديمة، فأنتجوا بهذا الطريق قدم المدة والزمان» .
فنقول: حاصل هذا الكلام، أن المشبهة زعمت أن مباينة البارئ تعالى عن العالم لا يعقل حصولها إلا بالجهة، وأنتجوا منه كون الإله في جهة.
وزعمت الدهرية: أن تقدم البارئ على العالم، لا يعقل حصوله إلا بالزمان، وأنتجوا منه قدم المدة. وإذا ثبت هذا فنقول: حكم الخيال إما أن يكون مقبولًا في حق الله تعالى أو غير مقبول، فإن كان مقبولًا فالمشبهة يلزم عليهم مذهب الدهرية، وهو أن يكون البارئ متقدمًا على العالم بمدة غير متناهية، ويلزمهم القول بكون الزمان أزليًّا، والمشبهة لا يقولون بذلك. والدهرية يلزم عليهم مذهب المشبهة، وهو مباينة البارئ تعالى مكانيًّا -وهم لا يقولون به- فصار هذا التناقض واردًا على الفريقين.