به فيكون قد أتاهم ضرورة وأما كون نفس الفاعل هنا جاء بنفسه أو لا يجب أنه جاء كما في قوله فَأَتَاهُمُ اللَّهُ [الحشر ٢] فهذا فيه تفصيل فإن من الناس من يسوي بين أخرجه وأخرج به والصواب الفرق والمقصود هنا أن المجرور بالباء في مثل هذا يدل اللفظ دلالة صريحة على انه ألصق به الإتيان والمجيء كالذي جعله غيره آتيًا وجائيًا كما في قوله تعالى عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا [يوسف ٨٣] إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ [هود ٣٣] فأتاهم الله بعذاب وقوله فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا [النمل ٣٧] وليس في مثل هذا النَّظم إشعار بأنَّ المأتي به ظرف للفعل إلى الفاعل ولا أن الفاعل فوقه أو في جوفه أو غير ذلك من المعاني التي يدل عليها لفظ الباء فأما لفظ فيه فله خاصة يدلُّ عليها لا تحصل بحرف الباء فَجَعْلُهُ بمعنى الباء تحريف لكلم عن مواضعه وتبديل للغة إذا جاء في صورة حسنة أو حال حسن أو ثياب حسنة أو طائفة