عابدها بالألوهية ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إمَّا عبادة تألُّه وإمَّا عبادة تسخير فلابد من ذلك لمن عقل وما عبد شيء من العالم إلاَّ بعد التلبُّس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه ولذلك تَسَمَّى الحقّ لنا برفيع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة فكثَّر الدرجات في عين واحد فإنه قضى ألاَّ يعبد إلاَّ إيَّاه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيًّا عُبِدَ فيها وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الجاثية ٢٣] وهو أعظم معبود فإنَّه لا يعبد شيء إلاَّ به ولا يعبد هو إلا بذاته وفيه أقول وحقّ الهوى إن الهوى سبب الهوى ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلهاً فقال وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ [الجاثية ٢٣]