للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت هذه الحجة أخذها القاضي أبو يعلى من أبي الحسن الأشعري ونحوه فإنهم احتجوا بها على أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه وهذه حجة داحضة فإن هذا خلاف ما أجمع عليه الصحابة والتابعون في تفسير الآية الكريمة وأيضًا فإن الله أخبر بأنه ما كان لبشر أن يكلمه الله إلاّ على هذه الوجوه الثلاثة فلو كان المراد بذلك أنه يكلم تارة مع المعاينة وتارة مع الاحتجاب وتارة بالمراسلة لم يكن لهذا الحصر معنى ولم يكن فرق بين الله تعالى وبين غيره في ذلك ولم يكن نفى بهذا الحصر شيئًا فإن المكلم من البشر إمَّا أن يعاينه المخاطب أو لا يعاينه وإذا لم يعاينه فإما أن يخاطبه بنفسه أو رسوله فلو كان المراد ما ذكر لزم هذه المحاذير وأيضًا فإن وقوله إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا [الشورى ٥١] دليل على أن القسم الأول هو الوحي الذي يحيه إلى قلوب الأنبياء بخلاف التكليم من وراء حجاب فإنه يكون بصوت مسموع كما خاطب موسى عليه السلام فمن سوّى بين تكليم الوحي وتكليمه من وراء حجاب فجعل الجميع

<<  <  ج: ص:  >  >>