لأبي عبد الله: كنا عند سفيان بن عيينة بمكة، فحدثنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تسبوا الدهر» فقام فتح بن سهل فقال: يا أبا محمد نقول: يا دهر ارزقنا: فسمعت سفيان يقول: خذوه فإنه جهمي. وهرب، فقال أبو عبد الله: القوم يردون الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بها، ولا نرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله» قال القاضي:«وظاهر هذا أنه أخذ بظاهر الحديث، ويحتمل أن يكون قوله: ونحن نؤمن بها راجع إلى أخبار الصفات في الجملة، ولم يرجع إلى هذا الحديث خاصة» .
قال:«وقد ذكر شيخنا أبو عبد الله رحمه الله -يعني ابن حامد- هذا الحديث في كتابه، وقال: لا يجوز أن يسمى الله دهرًا. والأمر على ما قاله، لأنه قد روي في بعض ألفاظ الحديث، ما يمنع من حمله على ظاهره هذا، ولم يرد في غيره من أخبار الصفات ما دل على صرفه عن ظاهره، فلهذا أوجب حملها على ظاهرها، وذلك أنه روي فيه: أنه «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»