والقسط، وقال تعالى:{وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ}[آل عمران: ١٩] فبين تعالى أن سبب الاختلاف هو البغي الذي هو خلاف العدل، فالشبهة الفاسدة من هذا النمط، وهي من أسباب الاختلاف بعد بيان الكتاب والسنة للحق المعلوم، كما قال تعالى:{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}[سبأ: ٦] .
فلو كان في الإحساس الباطن والظاهر ما يرد حكمه مطلقًا، حتى يوافقه إحساس آخر، لكان ذلك أيضًا مردودًا، وليبين ذلك كما بين نظيره، فإن الحاجة إلى ذلك في أصل الإيمان أعظم من الحاجة إلى ما هو دون ذلك بدرجات كثيرة، فلما كان المحرم هو اتباع الظن وما تهوى الأنفس، والقول في الدين بلا علم، أو قول غير الحق، نهى عن ذلك ولم يفرق بين إحساس ظاهر أو باطن، ولا بين حس وعقل، فلم يكن أحد ليفرق بين ما جمع الله تعالى بينه، ويجمع بين ما فرق الله تعالى بينه، بل يتبع كتاب الله تعالى على وجهه، والله أعلم.
والذي دل عليه الكتاب أن طرق الحس والخيال والعقل وغير ذلك متى لم يكن عالمًا بموجبها لم يكن له أن يقول على الله، وليس له أن يقول عليه إلا الحق، وليس له أن يقفوَ ما ليس له به علم لا في حق الله ولا في حق غيره، فأما تخصيص الإحساس الباطن بمنعه عن تصور الأمور الإلهية بحسه، فهو