غيرهم من فلاسفة الهند كالبراهمة لا ينكره، بل يقول العالم محدث فعله فاعل مختار، كما يحكي عنهم المتكلمون. وكذلك مناظرة المعتزلة وغيرهم لغير هؤلاء من فلاسفة الروم والفرس وغيرهم من أنواع الدهرية، وكذلك مناظرة بعضهم بعضًا في تقرير الإسلام عليهم، وإحداثهم في الحجج التي سموها أصول الدين ما ظنوا أن دين الإسلام ينبني عليها. وذلك هو أصل علم الكلام الذي اتفق السلف والأئمة على ذمه وذم أصحابه وتجهيلهم، فإن كان كلام السلف والأئمة في ذم الجهمية والمتكلمين لا يحصيه إلا الله تعالى، وأصل ذلك أنهم طلبوا أن يقرروا ما لا ريب فيه عند المسلمين، من أن الله تعالى خلق السموات والأرض، وأن العالم له صانع خالق خلقه، ويردوا على من يزعم أن ذلك قديم: إما واجب بنفسه، وإما معلول علة واجبة بنفسها.
فإن «الدهرية» لهم قولان في ذلك، ولعل أكثر المتكلمين إذا ذكروا قول الدهرية لا يذكرون من الدهرية إلا من ينكر الصانع فيقول:«الدهرية» وهم الذين يقولون بقدم العالم وإنكار الصانع، وعندهم كل من آمن بالصانع فإنه يقول بحدوث العالم، وهذا كما قال طوائف من المتكلمين، كالقاضي أبي بكر بن الباقلاني: قال في «مسائل التكفير» :
«وجملة الخلاف على ضربين: خلاف مع الخارجين عن الملة المنكرين لكلمة التوحيد وإثبات النبوة -أعني نبوة محمد