أحدهما تقرب العبد إلى ربه ودنوه إليه والثاني تقرب الرب إلى عبده وتقرب الرب إلى عبده نوعان أحدهما هو من لوازم تقرب العبد إليه فإنه من المعلوم أن الشيئين إذا تقرب أحدهما إلى الآخر كان من لوازم هذا قرب الآخر إليه إذ القرب من الأمور الإضافية من الجانبين فيمتنع أن يقرب أحدهما من الآخر إلا والآخر قد قرب إليه لكن لا يستلزم هذا أن يكون المُتقَرب إليه قد وجد منه فعل بنفسه يقرب منه بل يكون قربه هو القرب الذي حصل بفعل المقترب كالشيء المتحرك المتقرب إلى الشيء الساكن فإنه كلما تقرب إليه قرب الساكن إليه من غير حركة منه فهذا النوع من قرب الرب إلى عبده هو تبع لقرب العبد إلى الله فمن أثبت قرب ذات الله إلى العبد بهذا الاعتبار وإلا فلا وأما النوع الثاني من تقرب الرب إلى العبد فهو تقربه بفعلٍ يقوم بنفسه كما ورد لفظ المجيء والإتيان والنزول وغير ذلك فالكلام على هذا التقرب يؤخر إلى حيث يذكر ذلك وتكلم هنا في القرب الأول فكل من قال إن الله فوق العرش قال إنه يمكن التقرب إليه وأما من قال إنه ليس فوق