تكون مانعة من الكفر إذا تبين بها الإيمان من الكفر والحق من الباطل وهذا إنما يكون بالكلام إذا كان مما يمكن فهمه ومعرفته دون ما يتعذر ذلك فيه السادس عشر قوله تعالى المص (١) كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الأعراف ١-٣] وقوله تعالى اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [الأنعام ١٠٦] ومعلوم أن اتباع ما أمرهم الله تعالى من الكتاب والحكمة إنما يمكن بعد فهمه وتصور معناه وما كان من الكلام لا يمكن أحداً فهمه لم يمكن اتباعه بل كان الذي يسمعه كالذي لا يسمع إلا دعاء ونداء وإنما الاتباع لمعاني الكلام السابع عشر قوله تعالى وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ [فصلت ٤٤] قال المفسرون لو جعله قرآنا أعجميًّا لأنكروا ذلك وقالوا هلا بينت آياته بلغة العرب لنفهمه أقرآن عجمي ورسول عربي فقد بيّن سبحانه وتعالى أنه لو جعله أعجميًّا لأنكروه فجعله عربيًّا ليفهم معناه وليندفع مثل هذا القول ومعلوم أنه لو كان أعجميًّا لأمكنهم التوصل إلى فهمه بأن يترجم لهم مترجم إما أن يسمعه من الرسول ويترجمه أو يحفظوه هم أعجميًّا ثم يترجمه لهم كما أن من العجم من يحفظ القرآن عربيًّا ولا يفهم ويترجم له وأما إذا كان عربيًّا لا يمكن أحداً أن يفهمهم إلا الرسول