يعاقبون على ذلك بأن يجعل في قلوبهم دواعي إلى الفسق الذي يستحقون به العذاب فهذا أمر المترفين بأن يفسقوا فيها وحينئذ يحق عليهم القول فيدمرها تدميراً فقوله تعالى وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً [الإسراء ١٦] دل على أن هذا الأمر أريد به إهلاكهم وأمر التكليف ليس كذلك وقوله تعالى أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا دل على أنه ليس أمراً عاماً وأمر التكليف ليس كذلك فالأمر بالإيمان والعمل الصالح عام لا يختص بالمترفين على أن مقصود الآية إنا لا نهلكهم إلا بذنوبهم كما قال تعالى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (١٥)[الإسراء ١٥] فإذا أردنا إهلاكهم لم نهلكهم إلا بذنب بل يلهمهم فجورهم فيستحقون بذلك العذاب فقد تبين في نفس الآية أنه لم يرد أمر التكليف والتشريع الذي أرسل به الرسل فإنه لا يأمر أحداً بفسق ولا معصية وقد دل القرآن في غير موضع على أنه إنما يأمر بالأعمال الحسنة لا يأمر بالشر بل ينهى عن أنواع الشر وما يسمى فسقاً ويذم ذلك ويتوعد عليه كما قال تعالى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ [النحل ٩٠]