السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) } [المؤمنون: ٨٤-٨٩] والأكثرون يقرؤون الأخرتين {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} كما اتفقوا على أن جواب الأول: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} وهو جواب مطابق لمعنى اللفظ، لأن معنى قوله:{قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ} و {مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} أي لمن ذلك؟ فكان الجواب بقوله:{سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} هذا بيان لأن المشركين يقرون بأن ملكوت كل شيء لله، وذلك مبالغة في الملك؛ فإن الملكوت أبلغ من لفظ الملك، وما ذكروه من ذلك يتضمن غناه عن كل شيء، وفقر كل شيء إليه، فهو حق؛ لكنه يتضمن أكمل من ذلك، من العلم والقدرة والتدبير على وفق المشيئة والإرادة وغير ذلك، من المعاني التي تبين أن هؤلاء الفلاسفة لا يجعلونه ملكًا حقًّا، وكيف يكون ملكًا عندهم من لا يقدر على إحداث شيء، ولا دفع شيء، ولا له تصرف بنفسه، ولا في غيره بوجه من الوجوه؛ بل هو بمنزلة المقيد بحبل معلق به من لا يقدر على دفعه عن نفسه. وما يثبتونه من غناه وافتقار ما سواه إليه يتناقضون فيها؛ فإنهم يصفونه بما يمتنع معه أن يكون غنيًّا، وأن يكون إليه شيء ما فقير؛ لكن ليس المقصود هنا كشف أسرار أقاويلهم كلهم،