والخيال غاية ما فيه أنه ليس مثلما نتوهمه ونتخيله في نفوسنا وهذا لا ريب فيه وهذا يظهر بالوجه الثاني وهو أن الله سبحانه ليس مثل مانعلمه ونعقله ونحسه من نفوسنا فضلاً عن أن يكون مثل ما نتخيله ونتوهمه من نفوسنا فلا اختصاص للوهم والخيال بذلك وإذا كان الله سبحانه ليس مثل ما نحسه ونعلمه ونعقله ونتخيله فينا ولم يكن في ذلك ما يقتضي أن يكون منافيًا لما نعلمه لم يجب أن يكون منافيًا لما نحسه ويقرر هذا بالوجه الثالث وهو أن العلم بامتناع موجود لا داخل العالم ولا خارجه علم فطري ضروري ليس هو من خصائص الوهم والخيال وأما ماذكره من إحاطة علم الله تعالى فليس عندنا اعتقاد ينفي ذلك بحال الوجه الرابع أن كل ما وصف به علم الله ليس عندنا اعتقاد ينفي ذلك لا محسوس ولا متوهم ولا متخيل ولا معقول إلا أن يكون من الاعتقادات الباطلة التي لم تعلم بضرورة ولا نظر ولا ريب أن ذات الله وصفاته على خلاف الاعتقادات الباطلة التي يظن أنها معقولة أو محسوسة أو متخيلة ولكن لا فرق في ذلك بين ما يظن انه معقول معلوم وما يظن أنه محسوس ومتخيل