مبلغ التواتر لايتفقون على إنكار ما يعلم بالضرورة كما ذكر المؤسس في هذا الكتاب أن الطائفة العظيمة من العقلاء لا يجتمعون على إنكار الضروريات فلا ينقلهم ذلك السلب العام عن طائفة من العقلاء ولا يبين به طوائف العقلاء أن يقعوا في شيء من هذا السلب وكلا الأمرين باطل بل التحقيق أن العقلاء لايتفقون على إنكار العلوم الضرورية من غير تواطؤ واتفاق كما لا يتفقون على الكذب من غير تواطؤ ولا اتفاق وذلك أن الله تعالى خلق الإنسان يعلم الأمور الضرورية بغير اختياره كما قد يجهل بعضها وخلقه بفطرته يخبر بما يعلمه إلا لعارض يغيره عن فطرته وكذلك خلقه بفطرته يريد العدل والمصلحة إلا لعارض فهو وإن كان ظلومًا جهولاً فذاك في كثير من الأمور أما أن تكون أمة من الأمم تجهل كل شيء أو تكذب في كل شيء أو تظلم في كل شيء فهذا لا يتفق أبدًا فإن اجتماع بني آدم في الدنيا وهو الاجتماع الفطري الطبيعي الذي لايعيشون بدونه لايتصور مع هذا الإنكار وذلك أنهم لا بد أن يقروا بأن لأحدهم أبًا وأمًّا وأخًا ونحو ذلك ومن المعلوم أنه لم يعرف بحسه إحبال أبيه