وعلى هذا فجميع الأمور الوجودية المحضة يكون الرب أحقَّ بها لأن وجوده أكمل ولأنه هو الواهب لها فهو أحق باتصافه بها وجميع الأمور العدمية المحضة يكون الرب أحقَّ بالتنزيه منها لأنه عن العدم ابعد من سائر الموجودات ولأن العدم ممتنع لذاته على ذاته وذاته بذاته تنافي العدم وما كان فيه وجود وعدم كان أحق بما فيه من الوجود وأبعد عما فيه من العدم فهذا أصل ينبغي معرفته فإذا أثبتت له صفات الكمال من الحياة والعلم والقدرة والكلام والسمع والبصر وغير ذلك بهذه الطريقة القياسية العقلية التي لله فيها المثل العلى كان ذلك اعتبارًا صحيحًا وكذلك إذا نفى عنه الشريك والولد والعجز والجهل ونحو ذلك بمثل هذه الطرق ولهذا كان الإمام أحمد وغيره من الأئمة يستعملون مثل هذه الطريق في الأقيسة العقلية التي ناظروا بها الجهمية فاستعملوا مثل هذا فيما أثبتوه لله تعالى وفيما نفوه عنه وفيما ردوه من قول الجهمية وإذا كان كذلك فمن المعلوم أن كون الموجود قائمًا بنفسه