لتنازعهم في أن القائم بنفسه هل يراد به الموجد المستغني عن المحل أو المستغني عن المحل والمخصص والمكان وغير ذلك لكن المقصود هنا أنه لا يعقل ما هو قائم بنفسه بمعنى أنه غير حال في محل إلا ما هو مختص بما يقولون إنه جهة وإن كان حقيقته أمرًا عدميًّا وما تصح عليه المحاذاة على اصطلاحهم وما هو في اصطلاحهم جسم ومتحيز وهو المعلوم في صرائح العقول ومن قيل له هل تعقل شيئًا قائمًا بنفسه ليس في محل وهو مع هذا ليس بجسم ولا جوهر ولا متحيز ومع هذا أنه لا يجوز أن يكون فوق غيره ولا تحته ولا عن يمينه ولا عن يساره ولا أمامه ولا وراءه وأنه لا يكون مجامعًا له ولا مفارقًا له ولا قريبًا منه ولا بعيدًا عنه ولا متصلاً به ولا منفصلاً عنه ولا مماسًا له ولا محايثًا له وأنه لايشار إليه بأنه هنا أو هناك ولا يشار إلى شيء منه دون شيء ونحو ذلك من الأوصاف السلبية التي يجب أن يوصف بها ما يقال إنه ليس بجسم ولا متحيز لقال حاكمًا بصريح عقله هذه صفة المعدوم لا الموجود كما سمعنا ورأينا أنه يقول ذلك عامة من يذكر له ذلك من أهل العقول الصحيحة الذكية وكما يجده العاقل في نفسه إذا تأمل هذا القول