فالإنسان عندهم لو عُرِّفَ بأنه جسم لشاركه الحجر في الجسمية، فإذا زيد في تعريفه أنه نامٍ -أي يكبر تدريجًا- شاركه الشجر؛ لأنه جسم نامٍ، فإذا زيد في تعريفه كونه حسَّاسًا شاركه الفرس مثلًا؛ لأنه جسم نام حسّاس، فإذا عُرِّفَ بأنه منتصب القامة يمشي على اثنين شاركه الطير، فإن زِيد في التعريف كونه لا ريش له شاركه منتوف الريش وساقِطُه من الطير، فإن عُرِّفَ بأنه ناطق تميزت ماهيته عن غيرها من الماهيات وحصل الإدراك.
فإذا قيل: يمكن تعريفه بأنه الضاحك أو الكاتب؛ لأن الضحك والكتابة خاصتان من خواصه.
فجوابهم أنهم يقولون: إن الضحك حالة تعرض عند التعجب من أمر بعد أن تتفكر فيه القوة الناطقة، والكتابة نقوش على هيئات مخصوصة لا توجد إلا بتفكير القوة الناطقة، فانحصر موجب الإدراك بالأصالة في النطق.
هذا هو المراد عندهم، وما أورد عليهم من أن النطق الذي هو القوة المفكرة يشترك مع الإنسان فيه الملائكة والجن؛ لأن عندهم القوة الناطقة = فقد أجاب عنه بعضهم بأن الملائكة والجن خارجون بقيد الحيوانية؛ لأن الحيوان عنده هو الجسم النامي الحساس، والإنسان عندهم مركب من حيوانٍ وناطقٍ، والحيوان لا يكون إلا ناميًا، والملائكة والجن لا ينمون؛ لأن القدر الذي خلق الواحد منهم عليه يستمر عليه ولا يكبر بعد ذلك.
هكذا ذكر بعضهم، واللَّه تعالى أعلم، فالسائلة سألت عن مصطلحٍ