أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
الحمد للَّه الذي أكرم هذه الأمة المتأخرة الزمان، بأن جعل منها أشرف المرسلين المصطفى من معد بن عدنان، عليه الصلاة والسلام دائمين من الرحمن، وجعل دينها أفضل من سائر الأديان، مؤيدًا بالمعجزات الباهرات التي أعظمها القرآن، أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على كل دين وقال: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٨٥)} [آل عمران/ ٨٥].
ووعدنا على لسانه صلى اللَّه وعليه وعلى آله وسلم وعدًا يزيل الطمع من الفرق، وهو ما صح عنه أن صف مؤمننا في الجنة وإن زنى وإن سرق، وجعلنا ثلاث طوائف في كتابه المنير: قال: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)} [فاطر/ ٣٢].
ووعد جميع الطوائف الثلاث بدخول الجنات، والتحلية بالأساور، ولبسِ الحرير، قال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٣٣)} [فاطر/ ٣٣].
فأتى في قوله:{يَدْخُلُونَهَا} بواو الجمع الشاملة للظالم لنفسه، وقدَّمه لئلا يقنط، وأخرَّ السابق بالخيرات لألا يعجب بعمله فيحبط، وخاطب المسرفين منا خطابًا تجعل لذّته الأصمَّ سميعًا، قال: {قُلْ