للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأجبناهم:] (١) أن المؤمنين الذين تغلب عليهم الكفار باحتلال بلادهم إذا أمكنهم الانضمام إلى سلطان إسلامي وجب عليهم ذلك، ولم يجز لهم موالاة الكفار وأحرى توليتهم؛ لأن موالاة المسلمين للكفار مع القدرة على موالاة المسلمين تتضمن الفتنة والفساد الكبير بنص القرآن العظيم، وهو قوله تعالى. {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (٧٣)} [الأنفال/ ٧٣]، وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١)} [المائدة/ ٥١].

وأما إن كان المسلمون الذين تغلب عليهم الكفار لا صريخ لهم من المسلمين يستنقذهم بضمهم إليه، فموالاتهم للكفار بالظاهر دون الباطن لدفع ضررهم جائزة بنصِّ القرآن العظيم، وهو قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} [آل عمران/ ٢١].

وكذلك توليتهم بعض المسلمين على بعض (٢)، في الجاري على أصل مذهب مالك ومن وافقه مِنْ أن شرع من قبلنا شرع لنا إن ثبت بشرعنا إلا لدليل يقتضي النسخ.

وإيضاح ذلك: أن نبي اللَّه يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم -عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- طلب التولية من ملك مصر، وانعقدت له منه وهو كافر، كما قال تعالى حكاية عنه: {قَالَ


(١) زيادة تقديرية ليست في الأصل المطبوع. والسياق يقتضيها.
(٢) أي: جائزة.

<<  <   >  >>