للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تلك الليلة كلما خرجت من ورطة حبستها أخرى، لأن الأرض هناك رمال دهسة لينة جدًّا، وبتنا الليل كله نمشي على أقدامنا لكن قليلًا قليلًا؛ لكثرة عوائق السيارات بالرمل اللين، ولم نزل على تلك الحال حتى كان وقت الضحى، فدخلنا واديًا فيه زراعات ومياه وفيه الفلفل الأحمر بكثرة لا ندري ما اسمه، وقِلْنَا فيه ثم رحنا منه آخر النهار، وبتنا تلك الليلة نعالج الوعث والماء والطين، والليلة الثالثة كذلك، ثم جئنا آخر النهار بعد الثالثة للقرية المسماة "آتيه" فالتمسنا عربيًا نبيت عنده فدعانا رجلٌ عربي واللَّه ما سألت عن اسمه ولا اسم أبيه خوفًا من الغيبة، فأنزلنا في مكان يعوي منه الكلب وأغلقه علينا من الخارج، فبتنا بليلة لا أعاد اللَّه علينا مثلها أشد من ليلة نابغية، ومن ليلة مهلهلية، فذكرتني تلك الليلة ليلة النابغة التي قال فيها:

كليني لهمٍّ يا أميمة ناصبِ ... وليلٍ أقاسيه بطئ الكواكب

وليلة المهلهل التي قال فيها:

أليلتنا بذي حسم أنيري ... إذا أنخط انقضيت فلا تحوري

وقد وصف طولها بقوله:

كأن كواكب الجوزاء عُوذٌ ... معطَّفةٌ على ربع كسير

كأن الجدي في مثناةِ رِبْقٍ ... أسيرٌ أو بمنزلة الأسير

كواكبها زواحف لاغبات ... كأن سمائها بيدي مدير

إلى أن قال:

<<  <   >  >>