يكاد يصرعها لولا تشددها ... إذا تقوم إلى جاراتها الكسل
ليست كمن يكره الجيران طلعتها ... ولا تراها لسر الجار تختتل
قال له: قاتلك اللَّه تستحسن غير الحسن، هذه خرَّاجة ولَّاجة لا خير فيها، فهي مذمومة، فهلا قال كما قال الآخر -وهو قيس بن الأسلت-:
وتكسل عن جاراتها فيزرنها ... وتعتل من إتيانهن فتعذر
وربما حضر مذاكرتنا بعض العوام الذين لا يفهمون، ومن جهلهم أن واحدًا منهم قال لنا بكلامه الدارجي ما مضمونه: إنه يغبطنا ويغار منا بسبب أننا نمر بأرض السودان التي فيها موضع شريف. قلنا له: وما ذاك الموضع الشريف؟ قال: الخرطوم. قلنا: وأيُّ شرف للخرطوم؟ قال: لأنه مذكور في القرآن العظيم في قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)} [القلم: ١٦]. فقلنا له: ذلك خرطوم آخر غير الخرطوم الذي تعني. فضحك من يفهم من الحاضرين.
واستدل بعضهم بدليل هو عليه لا له، فقال لي الأديب العلوي: هذا مغنِّي اللصوص، فضحك من له خبرة بقصة مغني اللصوص، وهي قصةٌ مشهورةٌ، حاصلها: أن بعض الأمراء أسر لصوصًا كانوا يقطعون الطريق، فقدمهم للقتل واحدًا بعد واحدٍ حتى لم يبق منهم إلا واحدًا، فقال: لا تقتلوني، فإني لست من اللصوص، وإنما كنت مغنيًا لهم أطربهم بالأناشيد والأغاريد. فقالوا له: بم كنت تغنيهم؟ قال بقول الشاعر: