فكان جوابنا في إيضاح الأقسام الثلاثة: أن المناط -بفتح الميم-: هو علة الحكم، والمناط في اللغة: مكان النوط، وهو تعليق الشيء على الشيء وإلصاقه به، كما قال حسان رضي اللَّه عنه:
وأنت زنيم نيط في آل هاشم ... كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
وقال أبو تمام:
أحب بلاد اللَّه ما بين مَنْبِج ... إليَّ وسلمى أن يصوب سحابها
بلاد بها نيطت عليَّ تمائمي ... وأول أرض مس جلدي ترابها
وسميت العلة مناطًا لربط الحكم بها وتعليقه عليها.
أما تنقيح المناط: فهو المسلك التاسع من مسالك العلة.
والتنقيح في اللغة: التهذيب والتصفية، وهو مأخوذ من تنقيح المنخل وهو إزالة ما يستغنى عنه، وإبقاء ما يحتاج إليه، وكلام منقح: أي لا حشو فيه.
وهذا المسلك التاسع المسمى "تنقيح المناط" هو تنقيح علة الحكم، أي تهذيبها وتصفيتها بإزالة ما لا يصلح للتعليل عما يصلح له، وهو ثلاثة أقسام، بناء على أن إلغاء الفارق قسم عنه وهو التحقيق، وعلى أن إلغاء الفارق مسلك عاشر.
فتنقيح المناط قسمان:
أحدهما: أن يدل ظاهر نص من كتاب أو سنة على التعليل بوصف، فيحذف المجتهد خصوص ذلك الوصف عن اعتبار الشارع