للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له، وينيط الحكم بالمعنى الأعم.

مثاله في القرآن قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء/ ٢٥]، فقد ألغوا خصوص الإناث في تشطير الحد، وأناطوه بالرق.

ومثاله من السنة قوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "لا يقضي القاضي وهو غضبان". فإن ذكر الغضب مقرونًا بالحكم يدل بظاهره على التعليل بالغضب، لكن ثبت بالنظر والاجتهاد أنه ليس علة لذاته، بل لما يلازمه من التشويش المانع من استيفاء الفكر، فيحذف خصوص الغضب، ويناط النهي بالمعنى الأعم الذي هو التشويش المدهش عن الفكر، فيحرم القضاء مع كل ما يدهش عن الفكر كالعطش والجوع المفرطين، وكالحقن والحقب أعني مدافعة البول والغائط، ونحو ذلك من نزول مصيبة أو فرحٍ شديد، وغير ذلك.

ومن هذا القسم إيجاب مالك وأبي حنيفة رحمهما اللَّه الكفارة بالأكل والشرب عمدًا في نهار رمضان، وبيانه أنه جاء أعرابي للنبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم يضرب صدره وينتف شعره ويقول: هلكت وأهلكت، واقعت أهلي في نهار رمضان، فقال له صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "أعتق رقبة". فألغى مالك وأبو حنيفة رحمهما اللَّه خصوص مواقعة الأهل، وأناطا الكفارة بالإفطار عمدًا، لما فيه من انتهاك حرمة رمضان، فأوجبا الكفارة في الأكل والشرب.

والقسم الثاني من تنقيح المناط: هو أن تكون أوصاف في محل الحكم فيحذف بعضها عن الاعتبار، ويناط الحكم بالباقي من

<<  <   >  >>