الحكم أم لا؟ فقلت له: إن الذيمما أعرف في دواوين فروع المالكية إنما هو خلافه، وأن البينة على البائع أنه على الوصف. فقال لي: ألم يقل خليل في "مختصره": "وبقاء الصفة إن شك". فقلت له: بلى، ولكن ذلك في المبيع برؤية متقدمة خاصة، أما الغائب المبيع بالوصف فالقول فيه قول المشتري، كما قال مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه في "نظمه الكبير في فروع الإمام مالك رحمه اللَّه":
والبيع إن بالوصف لا بالنظر ... فالقول في الصفة قول المشتري
وكما نص عليه الحطاب -عند قول خليل في مختصره:"وغائب. . . الخ"-: "وفرقوا بين الغائب المبيع برؤية متقدمة وبين الغائب المبيع بالوصف بأن المبيع برؤية متقدمة تحقق أنه كان على الوصف الذي انعقد عليه البيع فيجب استصحابه حتى يتبين نفيه، والمبيع بالوصف لم يثبت فيه وجود الوصف الذي وقع عليه البيع أصلًا، فهو منفي لم يثبت فيه وجود الوصف الذي وقع عليه البيع أصلًا، فهو منفي حتى يثبت وجوده".
فراجع القاضي المذكور النظر في كتب المالكية فوجد ما قلت له صحيحًا.
ثم ارتحلنا من "تنبدقة" عشية في أخريات رجب الفرد متوجهين إلى قرية "النعمة"، وشيعنا جماعة من أهل "تنبدقة" فيهم القاضي، وأهدى لنا قاضيها هدية قدر طاقته، فوصلنا قرية "النعمة" في ليالٍ قلائل، ونحن على جمالنا، ونزلنا عند تاجر من بني عمنا قاطن في قرية "النعمة" اسمه سالم بن الطيب، فاجتمع علينا تجار من قبيلتنا