الانقياد والاستسلام، فإن المكلف إذا أمره ربه بأمر فامتثله، ثم أمره بنقيض ذلك الأمر فامتثله أيضًا، كان ذلك دليلًا على كمال انقياده واستسلامه لمولاه جل وعلا. انتهى.
ثم دارت المذاكرة بيني وبين قاضي "تنبدقة" -وهو المحفوظ بن بيه المذكور- في الكلام على الأختين، هل جمعهما في التسري بملك اليمين جائزٌ، أم لا؟
فقلت له: إني سألني قبل ذلك المرحوم الأمير ابن الأمراء محمد محمود بن سيد المختار الحاجي رحمه اللَّه عن الأختين بملك اليمين، هل يجوز التسري بهما، أو لا؟ وما النصوص الدالة على حكم التسري بهما معًا من كتاب أو سنة؟ فأجبته وأوردت جوابي له لقاضي "تنبدقة" وفيه مقنع في حكم وطء الأختين بملك اليمين.
وحاصله أن الأختين بعقدِ نكاحٍ جَمْعُهما حرامٌ بإجماع العلماء، ووطؤهما معًا بملك اليمين حرامٌ عند جميع العلماء، إلا طائفة قليلة، وهي داود بن علي الظاهري ومن تبعه. وما هو شائعٌ من نسبة القول بجوازه إلى الإمام أحمد رحمه اللَّه لا يصح.
أما دليل جمهور العلماء على منع وطء الأختين بملك اليمين فهو قوله تعالى عاطفًا على ما يحرم:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء/ ٢٣]، وقوله:{الْأُخْتَيْنِ} محلى بـ "أل"، والمحلى بها مفردًا أو تثنية أو جمعًا يعم عند جمهور الأصوليين ما لم يحقق كونها عهدية. قال في "مراقي السعود" عاطفًا على صيغ العموم: