وعموم المعرف بـ "أل" هو مذهب مالك، كما عزاه له القرافي. وقد احتج مالك على من قال: إن الاعتكاف لا يكون إلا في مسجد نبيٍّ بقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة/ ١٨٧]. قال زكريا: وإنما كان المعرف بقسميه للعموم لتبادره منه إلى الذهن، والتبادر علامه الحقيقة.
وهذا مذهب أكثر أهل الأصول، فلا عبرة بقول أبي هاشم من المعتزلة: إن المعرف بـ "أل" لا يعم مطلقًا احتمل عهدًا أم لا، فهو عنده للجنس الصادق ببعض الأفراد. ولا بقول إمام الحرمين: لا يعم إن احتمل عهدًا. ولا بقوله وقول الغزالي: لا يعم إذا لم يكن واحده بالتاء، كالماء. زاد الغزالي: أو تميَّز (١) واحده بالوحدة، كالرجل إذ يقال: رجل واحد، فهو في ذلك للجنس الصادق بالبعض ما لم تقم قرينةٌ على العموم، نحو الدينار خير من الدرهم، لأن كل دينار خير من كل درهم.
وإنما قلنا: لا عبرة بقول من ذكر، لأنه خلاف قول الجمهور.
وإذا حققت أن الجمهور على أن المعرف بـ "أل" يحمل على العموم إلا لدليل يدل على الخصوص، فقوله:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء/ ٢٣] محلى بـ "أل"، فهو يعم جمعهما بنكاح وملك
(١) في الأصل المطبوع: إلى تمييز. وانظر: "نشر البنود" (١/ ٢٠٩).