ولجميع من معنا تذاكر السفر في قطار الحديد، وسافرنا فيه من تلك الليلة في العشر الأواسط من ذي القعدة من سنة سبع وستين وثلاثمائة وألف، فسرنا فيه متوجهين تلقاء سواكن فبتنا دونها، وجئناها من الغد وقت المقيل، فنزلنا في خيم مبنية للحجاج، وأخذنا جوازات السفر إلى الحجاز، وما توصلنا إلى أخذها حتى تعبنا من الزحام في المركز، لكثرة الحجاج المزدحمين لأخذ الجوازات، وكان بواب المركز يدخل قبلنا كثيرًا من أخلاط الناس من أسود وأحمر، ونحن جئنا قبلهم، فذكرني ذلك قول عصام بن عبيد الزماني:
أدخلت قبلي قومًا لم يكن لهم ... في الحق أن يدخلوا الأبواب قدامي
ثم بعد لأيٍ تحصَّلنا على أخذ الجوازات والتذاكر بعد أن سلمنا الرسوم المقررة، ثم مكثنا في محل النظر في صحة الحجاج ثلاثة أيام، ثم ركبنا في السفينة متوجهين إلى جدة، فمكثت السفينة بنا يومًا وليلة في البحر، ثم نزلنا من الغد في جدة، فنزلنا في بيت لآل جمجوم عمومي لنزول أهل قطرنا، فمكثنا ليلتين في جدة، ولم نجتمع بأحدٍ من أهلها، لكن اجتمعنا برجل سوداني موظف في بعض الشركات في جدة اسمه أحمد بكري، قأحسن إلينا وحملنا إلى مكة المكرمة بواسطة رجلٍ طيبٍ من موظفي إدارة الحج اسمه سامي كتبي. فركبنا من جدة بعد صلاة المغرب محرمين ملبين تلبية النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
وكان إحرامنا بالحج مفردًا، وإنما أحرمنا إفرادًا من غير تمتع ولا