للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و"تحقيق المناط" ليس من مسالك العلة، بل هو دليل تثبت به الأحكام، فلا خلاف في وجوب العمل به بين الأمة، وإليه تضطر كل شريعة.

قال أبو إسحاق الشاطبي: لابد من الاجتهاد فيه في كل زمن، ولا ينقطع، إذ لا يمكن التكليف إلا به.

وإلى هذا التحقيق أشار في "مراقي السعود" بقوله:

تحقيق علة عليها ائتلفا ... في الفرع تحقيق مناط أُلِفا

ولما ذكرنا في هذا الجواب أن الوصف المناسب المذكور لابد من تحقيق استقلاله بالعلية، وذلك بنفي غيره من الأوصاف، وطريق ذلك إنما هو "السبر والتقسيم"، [سألوا توضيحه] (١)، فأجبتهم إلى بيانه، بما حاصله: أن "السبر والتقسيم" عند الأصوليين هو المعروف عند المناطقة بـ "الشرطي المنفصل"، ويسمى عند الجدليين بـ "التقسيم والترديد"، وهو عند الأصوليين المسلك الرابع من مسالك العلة، ويسمى هذا المسلك بـ "السبر" وحده، وبـ "التقسيم" وحده، وبهما معًا وهو الأكثر.

والسبر بالفتحة لغةً: هو الاختبار، ومنه سُمِّيَ ما يعرف به طول الجرح وعرضه سِبَارًا ككتاب، ومِسْبَارًا كمفتاح، تقول العرب: هذه القضية يسبر بها غور العقل. أي يختبر.


(١) زيادة تقديرية ليست في الأصل المطبوع، وسياق الكلام يقتضيها.

<<  <   >  >>