للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإرادة الشرعية فهي ملازمة للرضى، فكل ما أراده اللَّه شرعًا فهو مرضيٌّ عنده، وكل ما هو مرضيٌّ عنده فهو مراد له شرعًا.

وهذا التحقيق تدل عليه آيات القرآن، لأن قوله: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} نصٌّ في أن شركهم إنما وقع بمشيئة اللَّه وهي إرادته الكونية، وقوله تعالى: {وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْ} [الزمر/ ٧] دليل على أن الكفر ليس بمرضيٍّ عنده، وأنه غير مراد له شرعًا.

الوجه الثالث: أن معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أكثرنا عددهم ففسقوا فيها، والعرب تقول: مره أمرًا بمعنى كثَّره.

واستدل قائل هذا القول بما أخرجه الإمام أحمد عن سويد بن هبيرة عن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "خير مال امرئ مهرة مأمورة، أو سكة مأبورة"، والمراد بالمأمورة: كثيرة النسل، وهو محل الشاهد، وبالسكة: الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة: التي علق عليها طلع الذكر لئلا يسقط ثمرها.

ثم سألنا بعض أذكياء الطلبة بمحضر طائفة من العلماء في "أم درمان" المذكورة عن قصة الغرانيق في قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢)} [الحج/ ٥٢]، وطلبوا منا أن نتكلم على هذه الآية الكريمة.

فأجبناهم بأن كثيرًا من المفسرين ذكروا أن سبب نزولها أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم قرأ سورة النجم بمكة، فلما بلغ {أَفَرَأَيْتُمُ

<<  <   >  >>