الأولى: أن معنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} أمرنا المتنعمين من أهلها باتباع الرسل، وتصديقهم فيما جاءوا به من عندنا، {فَفَسَقُوا فِيهَا} يعني فخرجوا عن طاعتنا، وكذبوا رسلنا، ولجوا في كفرهم وطغيانهم، فدمرناهم تدميرًا.
وعلى هذا التفسير فمتعلق {أَمَرْنَا} هو الإيمان واتباع الرسل، فلا ينافي قوله:{قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ}.
والوجه الثاني: أن الأمر في قوله: {أَمَرْنَا} أمر قدري تكويني، لا شرعي، وعليه فمعنى {أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا} قدرنا عليهم الفسوق والكفر، والأمر القدري التكويني مثل قوله للذين اعتدوا في السبت: {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (٦٥)} [البقرة/ ٦٥].
واعلم أن الإرادة الكونية أعم من الرضى؛ لأن اللَّه جل وعلا يريد بإرادته الكونية ما هو مرضيّ عنده كإيمان المؤمنين، ويريد بها ما ليس مرضيًّا عنده ككفر الكافرين.