الميراث هو الواجب بدلًا من الوصية التي كانت، وأن كونه بدلًا منها هو مراده تعالى = صار الميراث رافعًا للوصية.
فصار النسخ بآيات الميراث لا إشكال فيه، والنبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قيل له:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل/ ٤٤]، والقرآن يجوز بيانه بخبر الآحاد، فليس البيان كالنسخ؛ لأن النسخ إبطال للحكم الأول ورفع له بالكلية، والبيان إيضاح المقصود منه؛ فهو أخف من النسخ، ولذا جاز بيان القرآن بخبر الآحاد دون نسخه به على المعتمد فيهما. وإلى جواز بيانه بخبر الآحاد أشار في "مراقي السعود" بقوله:
وبيَّن القاصرُ من حيث السند ... أو الدلالة على ما يعتمد
فتحصل أن ناسخ الآية المذكورة مركب من الكتاب والسنة، فالناسخ في الحقيقة الكتاب، والسنة بيان للناسخ. فارتفع الإشكال بذلك، والعلم عند اللَّه. والبيان لا يشترط فيه التواتر كما يشترط في النسخ؛ لأن النسخ رفع للحكم الأول، والقرآن قطعي المتن، والقطعي لا يرفع بما ليس كذلك كخبر الآحاد.
وعلماء الأصول مختلفون في خبر الآحاد، هل يفيد القطع أم لا؟ الجمهور على أنه لا يفيد اليقين. وقال بعض العلماء: يفيده إن كانت رواته عدولًا ضابطين في كل طبقات السند، وهو قول الإمام أحمد بن حنبل رحمه اللَّه؛ لأن خبر الآحاد يجب العمل به، وإنما يجب العمل بما يفيد العلم؛ لقوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}[الإسراء/ ٣٦]، وقوله تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (٢٨)}