للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واللام على أسد لأنه نكرة، ومنع دخولهما على أسامة لأنه معرفة للعلمية، ومنع مجيء الحال متأخرة من أسد لأنه نكرة، وجواز مجيئها من أسامة لأنه معرفة للعلمية، ومنع الابتداء بأسد حيث لا مسوغ للابتداء لأنه نكرة، وجواز الابتداء لأسامة لأنه معرفة لكونه عَلَمًا.

فهذه التفرقة اللفظية بينهما تدل على الفرق المعنوي ضرورةً؛ لأن معنى النكرة مغاير لمعنى المعرفة ضرورةً، وإلا لزم التحكم بلا موجب، وهو جعل أحد المتساويين في المعنى نكرة، وجعل مساويه الآخر معرفة، وهو ظاهر البطلان.

فتحصَّل أن الذي يظهر لمقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه أن الفرق بين علم الجنس واسمه -على القول بأن اسم الجنس والنكرة شيءٌ واحدٌ- أمرٌ معقولٌ لا شبهة فيه. وأما على القول بالفرق بين اسم الجنس والنكرة فالفرق بين اسم الجنس وعلمه لا يكاد يظهر عند التأمل الصادق، والعلم عند اللَّه جل وعلا.

وكان جوابنا للسائلة عن المسألة الثانية التي هي: قول المتكلمين: "إن الصفة النفسية لا تعقل الذات دونها" أن معناه عندهم: أن الصفة النفسية التي هي عندهم الجنس أو الفصل لا تعقل الذات دونها، لأنها لا تكون عندهم إلا جزءًا من الذات. والماهية عندهم لا تعقل بدون أجزائها، فالإنسان عندهم لا يمكن تعقله ممن لم يعقله إلا بالنطق؛ لأنه صفته النفسية، والنطق عندهم القوة المفكرة لا نفس الكلام، حسبما قال الشاعر:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلًا

<<  <   >  >>