وإيضاحه أن الذريعة عند العلماء واسطة وطرفان، طرف يجب سده بإجماع العلماء، وطرف لا يجب سده بإجماع العلماء، وواسطة هي محل الخلاف بين العلماء، وسدها أصل من أصول مذهب الإمام مالك رحمه اللَّه.
فالطرف الذي يجب سده إجماعًا كتحريم سب الأصنام إذا كان عابدوها يسبون اللَّه بسبب سب المسلمين أصنامهم، كما في قوله تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}[الأنعام/ ١٠٨]، وكحفر الآبار في طرق المسلمين الذي هو وسيلة ترديهم فيها.
والطرف الذي لا يجب سده إجماعًا كغرس شجر العنب الذي هو وسيلة لعصر الخمر منه الذي هو وسيلة لشربها المحرم، وكمساكنة الرجال والنساء في قربة واحدة التي هي وسيلة الزنى.
وضابطه أن تكون المصلحة أقرب والفساد أبعد، أو تكون المصلحة راجحة على الفساد، كفداء أسارى المسلمين بسلاح لا تقوى به شوكة الكفار قوة تضر المسلمين، كما أشار له في "مراقي السعود" بقوله:
وبالكراهة وندب وردا ... وألغ إن يك الفساد أبعدا
أو رجح الإصلاح كالأسارى ... تفدى بما ينفع للنصارى
وانظر تدلي دوالي العنب ... في كل مشرق وكل مغرب
والذريعة الوسطى التي هي محل الخلاف بين العلماء ضابطها أن