يكون الأمر حلالًا في ظاهر الأمر إلا أن الناس يقصدون بظاهره الحلال التوسل إلى باطن حرام.
ومذهب مالك تحريم ذلك حسمًا للمادة وسدًّا للذريعة.
مثال ذلك: ما لو بعت سلعة بثمن لأجل، ثم اشتريتها بعينها بثمن أقل من الأول نقدًا أو إلى أجل أقرب من الأجل الأول، أو اشتريتها بثمن أكثر من الأول لأجلٍ أبعد من الأجل الأول. فالشراء الثاني مباح في الظاهر إذ لا موجب لمنعه ظاهرًا، لكن يمكن التوسل به إلى باطن حرام، فمنعه مالك رحمه اللَّه تعالى حسمًا للمادة وسدًّا للذريعة؛ لأن السلعة الخارجة من اليد العائدة إليها ملغاة، فيؤول الأمر إلى أنك دفعت دراهم فأخذت عنها بعد ذلك أكثر منها، أو أخذت دراهم فدفعت عنها بعد ذلك أكثر منها، وكل ذلك حرام عند مالك، وإن سمي بيعًا في الظاهر؛ لأن الشيء في مثله عند المالكية قرض، وإن سمي بيعًا أو سَلَمًا؛ لأن العبرة عندهم بالحقيقة لا بالعنوان، فالحقائق لا تتغير بتغير عناوينها.
ومثل هذه البيوع المحرمة عند المالكية المسماة في اصطلاحهم الخاص بهم "بيوع الآجال" جائزة كلها عند الإمام الشافعي رحمه اللَّه، وكثير من العلماء، لأنهم لا يوجبون سد الذريعة الوسطى التي بيناها، وسَدُّها أصل من أصول مذهب مالك رحمه اللَّه.