ومنها: صغيرةٌ شريفةٌ ذات أب غائب غيبة بعيدة، زوَّجها ابن عمٍّ لها. هل ذلك العقد نافذٌ أم لا؟
فأجبناهم: بأن حاصل تحرير مذهب المالكية أن الصغيرة الغائب أبوها غيبة بعيدة يزوجها السلطان خاصة، لا وليها الأبعد. وقال ابن وهب: يزوجها وليها الأبعد، وفاقًا للحنابلة، مستدلين بأن السلطان وليُّ من لا ولي له، وهذه ذات ولي.
ومنها: امرأة ادعت أنها شرَطَ لها زوجُها بطوعٍ منه والتزم بعد العقد أنه إن مكث عنها في سفره أكثر من شهرين فأمرها بيدها، إلا أن هذا الذي ادعت لم تكتب عليه وثيقة بخط عدلين، وإنما كتب لها شاهدٌ واحدٌ، فبعد غيبة الزوج ومكثه أكثر من الشهرين جاءت بالوثيقة التي فيها خط الشاهد الواحد على الشرط المذكور، فطلقها قاضي البلد بشهادته، واعتدت، ثم تزوجت، فقدم زوجها الأول، وأنكر الشرط المذكور أصلًا. ما الحكم في مذهب الإمام مالك رحمه اللَّه؟
فأجبناهم: بأنها زوجة الأول، وحكم القاضي باطل؛ لأن موجب الفراق لابد فيه من شاهدين عدلين؛ لقوله تعالى:{أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}[الطلاق/ ٢]، وقد قال خليل في "مختصره": "ولما ليس بمال ولا آيلٍ له عدلان".
فالحكم دون الشاهد الثاني باطلٌ قولًا واحدًا، كما هو ظاهر؛ لقوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم الثابت في الصحيحين عن عائشة رضي اللَّه عنها:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وقد قال خليل في "مختصره": "وفسد منهي عنه إلا لدليل" أي بطل، أي لا يعتد به.