اللَّاتَ وَالْعُزَّى (١٩) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم/ ١٩ - ٢٠] ألقى الشيطان على لسانه: "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى"، فلما بلغ آخر السورة سجد وسجد معه المشركون والمسلمون، وقال المشركون: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم. وشاع في الناس أن أهل مكة أسلموا بسبب سجودهم مع النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم حتى رجع المهاجرون من الحبشة ظنًّا منهم أن قومهم أسلموا، فوجدوهم على كفرهم ولم يدخل أحد منهم مكة إلا مستخفيًا، أو بجوار من يحميه من المشركين.
والغرانيق: الذكور من طير الماء، واحدها غُرْنُوق كعصفور، أو غِرْنَوْق كفردوس، أو غِرْنَيْق كِمعْلَيق (١)، أو غِرْنِيق كمسكين، وهي طيور بيض طويلة الأعناق والقوائم، وقيل: الغرنوق هو الكُركي.
ومعنى قول الشيطان:"تلك الغرانيق العلى" أن الأصنام في علو منزلتها ورفعة شأنها كالغرانيق المرتفعة نحو السماء في طيرانها.
وسنتكلم أولًا على معنى الآية، ثم على قصة الغرانيق.
اعلم أولًا أن التمني في هذه الآية، فيه للعلماء وجهان:
أحدهما: أنه هو التمني المعروف الذي أداته "ليت".
والثاني: أن معناه التلاوة، والعرب تقول:"تمنى" إذا تلا، وتمنى القراءة أمنية، ومنه قول الشاعر في عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه: