والتقسيم؛ الافتراق، ولذا عبَّر بعض الأصوليين عن التقسيم بالافتراق.
والأصل أن يقال: التقسيم والسبر؛ لأن الناظر يحصر ما في المحل من الأوصاف، بأن يقول مثلا: علة الربا إما الاقتيات والادخار، أو الطعم، أو الكيل، وهذا هو التقسيم، ثم يختبر الصالح للعلية من غيره، وهذا هو السبر، فيعيَّن الصالح للعلية.
وإذا كان ذلك هو الأصل فمقتضاه أن يقال:"التقسيم والسبر"، ليوافق ترتب اللفظين ترتب معنييهما، وإنما أخروا "التقسيم" في اللفظ عن "السبر" وهو سابقٌ عليه في الوجود؛ لأن التقسيم لما كان وسيلة للاختبار، والأختبار هو المقصد، وقاعدة العرب تقديم الأهم والأفضل قدِّم "السبر" لأنه المقصد الأهم، وأخِّر "التقسيم" لأنه وسيلة أخفض رتبةً من المقصد.
وكيفية إفادة هذا المسلك الذي هو "السبر والتقسيم" علية الوصف للحكم أن الحكم مهما أمكن أن يكون معللًا فلا يجعل تعبدًا، وإذا أمكن إضافته للمناسب فلا يضاف لغيره، ولم نجد مناسبًا إلا ما بقي بعد "السبر"، فوجب كونه حجة وعلةً لهذه القواعد.
وإيضاح هذا المسلك الذي هو "السبر والتقسيم": هو أن يحصر المجتهد الأوصاف الموجودة في الأصل المقيس عليه، ثم يبطل ما لا يصلح للعلة من تلك الأوصاف، ويعين للتعليل الوصف الصالح له، وإبطال الأوصاف المذكورة يكون بطريقٍ من طرق إبطال العلة المعروفة في القوادح، كعدم الأطراد، وعدم الانعكاس بناءً على القدح بهما،