قولهم:{مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْء} سالبة كلية يتحقق نقضها وإبطالها بجزئية موجبة، هي: نزول كتاب على بعض البشر الذي هو موسى، لإقرارهم بذلك.
قال: فإن قولنا: موسى بشر، موسى أنزل عليه كتاب. هذا ينتج من الشكل الثالث:"بعض البشر أنزل عليه كتاب" إنتاجًا لاشك في صحته، مع أن المقدمتين شخصيتان. والمقرر عندهم في الشكل الثالث أنه يشترط لإنتاجه كلية كبراه. فكيف ينتج هذا الشكل الثالث، وليست كبراه كلية؟
فكان جوابنا أن قلنا له: إن الشخصية من قبيل الإنتاج في حكم الكلية المسوَّرة بسور كلي، ووجه استوائهما هو شمول الحكم بالمحمول جميع أفراد الموضوع، فالسور في الكلية محيط بجميع أفراد الموضوع، بحيث لم يتخلف منها فرد عن الحكم بالمحمول، وموضوع الشخصية فردٌ واحدٌ لا تعدد فيه أصلًا، فصار انحصار موضوع الشخصية في فردٍ واحدٍ بالأصالة كانحصار أفراد الموضوع الكلي بالسور الكلي، فاتحدا من هذا الوجه، فصح الإنتاج المذكور.
ثم لما عزمنا على السفر من "أم درمان" اجتمع بنا الأخ الفاضل ذو الأخلاق الطيبة والشمائل الحسنة السيد محمد صالح الشنقيطي رئيس اللجنة بالسودان، فأحسن إلينا وأكرمنا غاية الإكرام، وجمع بيننا وبين السيد عبد الرحمن المهدي فعزيناه في ولد ولده كان متوفى عند ملاقاتنا، ففرح بلقائنا، وأظهر لنا البشر، والإكرام، وأهدى لنا هدية سنية.
وشيعنا محمد صالح المذكور في سيارته الخاصة، وأخذ لنا