وما ذهب إليه داود بن علي الظاهري من الإباحة استدل عليه بايتين من القرآن العظيم، إحداهما قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} [المؤمنون/ ٥ - ٦] في سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} وسورة {سَأَلَ سَائِلٌ}، والآية الثانية قوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء/ ٢٤]؛ إذ تقرر عند الأصوليين أن المخصص المتصل كالاستثناء إذا جيء به بعد جمل متعاطفة يرجع لجميعها، وهو الجاري على أصول مالك والشافعي وأحمد رحمة اللَّه عليهم؛ فلو قال إنسان:"هذه الدار حَبْسٌ على الفقراء، وبني زهرة، وبني تميم، إلا الفاسق منهم" خرج الفاسق من الجميع، لرجوع الاستثناء لجميع الجمل المتعاطفة في أصول الأئمة الثلاثة، خلافًا لأبي حنيفة القائل برجوعه إلى الجملة الأخيرة فقط. قال في "مراقي السعود":
وكل ما يكون فيه العطف ... من قبل الاستثنا فكلًّا يقفو
دون دليل العقل أو ذي السمع ... . . . . . . . . . . . .
فبهذا الأصل المقرر الذي هو رجوع الاستثناء لجميع الجمل المتعاطفة استدل داود بن علي الظاهري على جواز جمع الأختين بملك اليمين من قوله جل وعلا:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}[النساء/ ٢٤]، فإنه جعل الاستثناء الذي هو:{إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} راجعًا لقوله: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}[النساء/ ٢٣] كرجوعه لقوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء/