الأوصاف، وحاصله: الاجتهاد في حذف بعض الأوصاف وتعيين بعضها للعلة.
وهذا القسم من تنقيح المناط هو بعينه السبر والتقسيم، وهو المسلك الرابع من مسالك العلة، فله اسمان: يسمى "السبر والتقسيم"؛ لأنه قسم منه، ويسمى "تنقيح المناط"؛ لأنه قسم منه، فبين "تنقيح المناط" من حيث هو وبين "السبر والتقسيم" من حيث هو عمومٌ وخصوصٌ من وجه؛ لاشتراكهما في هذا النوع المذكور آخرًا، وانفراد تنقيح المناط في النوع الأول من قسمي "تنقيح المناط" المذكورين، وانفراد "السبر والتقسيم" فيما إذا كان يتبين بالسبر أن الأوصاف المقسمة باطلةٌ كلها.
ويمثل لهذا القسم الأخير من قسمي "تنقيح المناط" الذي هو "السبر والتقسيم" بحديث الصحيحين المتقدم في المواقعة في نهار رمضان، ألغوا فيه كونه أعرابيًا يضرب صدره وينتف شعره، وكون الموطوءة زوجة، وكون الوطء في القبل؛ لأنها لا تصلح للتعليل، والباقي عند الشافعي هو المجامعة في نهار رمضان، وعند مالك وأبي حنيفة الإفطار عمدًا في نهار رمضان؛ لما فيه من انتهاك حرمته، فقد نقحاه مرتين، ونقحه الشافعي مرةً واحدةً.
فعلم من هذا أن أبا حنيفة رحمه اللَّه يستعمل "تنقيح المناط" في الكفارة، وإن كان يمنع القياس فيها.
وإلى هذين القسمين من "تنقيح المناط" أشار في "مراقي السعود" بقوله في تعريف "تنقيح المناط":