للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زهير:

* لا يشتكي قصر منها ولا طول *

ومعلوم أن كمال القامة واعتدال القدِّ وصف محمودٌ فيهن، ومما يدل على ذلك قول عمرو بن كلثوم التغلبي:

وسارِيتَيْ بَلَنْطٍ أو رخامٍ ... يَرِنُّ خُشاشُ حَلْيِهما رنينا

فكان جوابنا عن المسألة أن قلنا لهم: إن القِصر الذي يستحسنه الشعراء من النساء ليس هو القِصَر الذي هو ضد الطول، بل هو القصْر في الخيام، فالقصار عندهم هن المقصورات في الخيام العاملات بقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب/ ٣٣]. وهو معنى معقول؛ لأن الصيانة تصون ماء الملاحة ومعناها، والابتذال يذهب ذلك كله. وقد بين كُثَيِّر في شعره حل هذا الإشكال حيث قال:

وأنتِ التي حَبَّبْتِ كل قصيرة ... إليَّ وما تدري بذاك القصائر

عنيتُ قصيرات الحجال ولم أُرِدْ ... قصار الخطا شر النساء البحاتر

والبحتر: القصير المجتمع الخَلْق.

فالخرَّاجة الولَّاجة لا ملاحة لها أبدًا، وهي مذمومةٌ عندهم، ولذلك لما سمع بعض الأدباء صاحبه يستحسن قول الأعشى ميمون بن قيس:

غراء فرعاء مصقول عوارضها ... تمشي الهوينا كما يمشي الوجى الوجل

كأن مشيتها من بيت جارتها ... مر السحابة لا ريث ولا عجل

<<  <   >  >>