كانت محادثة الخلان تخبرنا ... عن أحمد بن صلاح أحسن الخبر
ثم التقينا ولا واللَّه ما سمعت ... أذني بأحسن مما قد رأى بصري
وركبنا من "فورلمى" آخر ذلك النهار في إحدى السيارتين المذكورتين، وترافقنا ثلاثة لغير صاحبهما، واللتان ركبنا في إحداهما لرجل ذكر لنا أنه عربي، وأن أصله شامي وهو عفيف الجبهة جدًا، ما رأينا في رحلتنا هذه رجلًا يدعي الإسلام أعف منه جبهة عن مسيس الأرض، وهذا العفاف التام يمنعه من أن تخطر الصلاة في ذهنه أصلًا، فضلًا عن أنه يصلي. وجميع السيارات التي نحن فيها واللتان ترافقها مشحون من السوادين الذين لا يفهمون كلامنا، ولا نفهم كلامهم، وأكثرهم كالبهائم، فذكرتني مرافقتنا معهم أبيات محمد بن السالم البوحسني الشنقيطي:
إن يطرحوني أرضًا لا يؤانسني ... ألا ألصُّ هَرِيتُ الشِّدق نبَّاح
فكم تكنَّفني في ظل مدرسة ... شمُّ الأنوف لهم كتبٌ وألواح
وكم أغازل جمَّاء العظام على ... أنيابها العنبر الهنديُّ والراح
وفي تلك الأيام أغلق الفرنساويون الطريق المعهود إلى قرية "آتيه"، فحاشت بنا السيارة إلى قرية اسمها "بحر غزال"، وباتت بنا دونها ليلة وجاءتها من الغد وقت القائلة، فكان مقيلنا في قرية "بحر غزال"، ورحنا منها آخر النهار متوجهين إلى قرية "آتيه" من طريق غير معبد، فهو إلى بنيَّات الطريق أقرب منه للطريق، وباتت السيارة طول