للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكفرًا، وهو القائل قبل إسلامه: {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَابًا نَقْرَؤُهُ} [الإسراء/ ٩٣]، قال هو وابن عمه أبو جهل بن هشام في نفر من المشركين للنبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: "إن سرك أن نتبعك فسيِّرْ عنا جبال مكة بالقرآن وأَذْهِبْها؛ لتتسع أرض مكة لمزارعنا، فإنها أرض ضيقة، واجعل لنا فيها عيونًا وأنهارًا؛ لنغرس فيها الأشجار، ونزرع ونتخذ البساتين، فلست في زعمك بأهون على اللَّه تعالى من داود عليه السلام حيث سخر اللَّه له الجبال تسبح معه، وسَخِّرْ لنا الريح لنركبها إلى الشام لحوائجنا وميرتنا، ونرجع في يومنا، فلست أهون على ربك من سليمان، أو أَحْيِ لنا جدَّك قصيًّا أو من شئت من آبائنا وموتانا لنسأله عن أمرك، فإن عيسى عليه السلام كان يحيي الموتى، ولست بأهون على اللَّه منه"، فأنزل اللَّه تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} الآية.

وفي معنى هذه الآية وجهان لعلماء التفسير:

فمعناها عند قتادة: لو أن تسيير الجبال عن أماكنها وإذهابها، وتقطيع الأرض -أي شقها- أنهارًا وعيونًا، وإحياء الموتى وتكليمهم، فُعِلَ بقرآنٍ أنزل على نبيٍّ قبل قرآنكم لَفُعِلَ بقرآنكم، لأنه أفضل كتاب أنزله اللَّه.

ونظير هذا المعنى في كلام العرب قول ابن أبي سلمى الضبي يصف فرسًا:

فلو طار ذو حافر قبلها ... لطارت ولكنه لم يطر

<<  <   >  >>