والرابع: أنه يرد لأجل سكوت المستدل عن مقدمة غير مشهورة مخافة منع الخصم لها.
وإيضاح هذه الأقسام الأربعة بمثالها:
أن معنى الأول -أي وروده على النفي- هو أن يستنتج المستدل من الدليل إبطال أمر يتوهم منه أنه مبنى مذهب الخصم في المسألة، والخصم يمنع كونه مبنى مذهبه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبه.
مثاله: ما لو استدل مالكي أو شافعي على حنفي في مسألة القصاص في القتل بمثقل بأن القتل بمثقل والقتل بمحدد وسيلتان لإزهاق الروح، فالتفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص قياسًا على المتوسل إليه وهو النفس، وأنت يا حنفي توافق على أن التفاوت في النفس لا يمنع القصاص، فلا فرق بين الصغير والكبير والشريف والوضيع، فكذلك التفاوت في الوسيلة إلى إزهاقها، فيقول الحنفي بموجبه بأن يقول: ليس المانع من القصاص عندي التفاوت في وسيلة القتل كما زعمتم، بل أمنعه بمانع اَخر غير هذا المانع الذي نفيتم، ولا يلزم من [انتفاء] مانع بعينه انتفاء غيره من الموانع، ووجود جميع الشرائط بعد قيام المقتضي وثبوت القصاص متوقفٌ على جميع ذلك.
فقول: المستدل: "لا يمنع القصاص" نفيٌ، وقد قدح فيه الحنفي بالقول بموجبه بأن قال: ما توهمت أنه مبنى مذهبي في عدم القصاص