ومثال أخذ النفي من الإثبات قول الشافعي في معاطاة المحقرات: لم يوجد فيها سوى الرضى فلا ينعقد بها البيع، كغير المحقرات. فالرضى الذي هو مناط البيع يناسب الانعقاد لا عدمه؛ لقوله تعالى:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء/ ٢٩].
ومثال أخذ الإثبات من النفي قول المالكي الذي يرى انعقاد البيع في المحقرات وغيرها بالمعاطاة: بيع لم يوجد فيه صيغة فينعدم. فإن انتفاء الصيغة يناسب عدم الانعقاد، لا الانعقاد.
ومثال كون الوصف الجامع ثبت اعتباره بالإجماع في نقيض حكم المستدل أو ضده قول الشافعي في مسح الرأس في الوضوء: مسح، فيستحب تكراره، كالاستنجاء بالحجر حيث يستحب الإيتار فيه، كما إذا حصل الإنقاء بحجرين مثلًا، فلا يعترض بأن تثليث الاستنجاء واجب، فيقال: المسح على الخف لا يستحب تكراره إجماعًا فيما قيل، وإن حكي عن ابن كج: استحباب تثليثه كمسح الرأس. فبيَّن المعترض أن جعل المسح جامعًا فاسد الوضع، إذ ثبت اعتباره إجماعًا في نفي الاستحباب، وهو نقيض الاستحباب، والوصف الواحد لا يثبت به النقيضان؛ لأن ثبوت كل واحد منهما يستلزم انتفاء الآخر.
ومثال كون الوصف الجامع ثبت اعتباره في نقيض حكم المستدل أو ضده قول الحنفي: الهر سبع ذو ناب، فيكون سؤره نجسًا كالكلب. فيقال: السبعية اعتبرها الشارع علة للطهارة حيث دُعِيَ إلى دار فيها كلب فامتنع، وإلى أخرى فيها سنور أي هر فأجاب، فسئل عن ذلك