"من أعتق شركًا له في عبدٍ، فكان له مال يبلغ ثمن العبد قُوِّم العبد قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه، وإلا فقد عتق منه ما عتق"؛ فالفارق بين العبد والأمة الأنوثة، ولا تأثير لها في منع السراية، فثبتت السراية في الأنثى لأجل ما شاركت فيه العبد من الأحكام غير السراية. وإنما كان هذا المثال ظنيًّا؛ لأنه قد يتخيل فيه احتمال اعتبار الشارع في عتق العبد استقلاله في جهادٍ وجمعةٍ وغيرهما مما لا مدخل للأنثى فيه.
وإلى كون "إلغاء الفارق" قسمًا من "تنقيح المناط" أشار إليه في "مراقي السعود" بقوله:
فمنه ما كان بإلغا الفارق ... وما بغيرٍ من دليل رائق
وأما "تخريج المناط" فهو المسلك الخامس من مسالك العلة، واسمه عند بعض الأصوليين "تخريج المناط"، وهو ما درج عليه ابن الحاجب، واسمه عند بعضهم "المناسبة والإخالة"، وهو ما درج عليه صاحب "جمع الجوامع"، والقائل بهذا القول الأخير يقول:"تخريج المناط" هو استخراج المجتهد أي استنباطه المسلك الذي هو المناسبة والإخالة.
والتحقيق جواز كل من الأمرين، فالذي يقول: إن المسلك هو نفس المناسبة لا استخراجها -كالسبكي- قوله وجيهٌ جدًّا؛ لأن المسلك دليل العلة، وشأن الدليل كما هو جلي أن يكون ثابتًا في نفسه مع قطع النظر عن نظر المستدل فيه سابق الوجود عليه. والذي يقول: إن استخراج المناسبة الذي هو "تخريج المناط" هو المسلك أي الطريق