للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للاشتراك في العلة، ولو كانت العلة الأنوثة لحرم غير البحيرة والسائبة والوصيلة من الإناث؛ للاشتراك في العلة، ولو كانت علة التحريم التخلق في الرحم لحرم جميع الذكور والإناث؛ لتخلقه في الرحم، ولو كان التحريم تعبديًّا لكان اللَّه هو الذي أوصاهم باجتناب هذا دون هذا؛ وهو باطلٌ.

وهذا هو حاصل معنى قوله تعالى: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} [الأنعام/ ١٤٤]؛ فقوله: {قُلْ آلذَّكَرَيْنِ} بين به أن الذكورة ليست علة التحريم، إذ لو كانت علته لحرم كل ذكر، وقوله: {أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ} يبين به أن الأنوثة ليست علة التحريم، إذ لو كانت علته لحرمت كل أنثى، وقوله: {أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ} يبين به أن علة التحريم ليست التخلق في الرحم، إذ لو كان العلة لحرم المجميع لتخلقه في الرحم، وقوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} بين به أن التحريم المذكور ليس تعبديًّا.

فظهر بهذا "السبر والتقسيم" أن تحريمهم بعض الإناث والذكور دون بعض باطل لا وجه له على جميع التقديرات، ولذا أتبعه جل وعلا بقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤) قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام/ ١٤٤ - ١٤٥] الآية.

ومثال "السبر والتقسيم" في الشعر قول عبد اللَّه بن همام السلولي من شعراء الحماسة لما وشي به واثن إلى زياد بن أبي سفيان فقال له:

<<  <   >  >>