وهذا الذي قررنا به معنى التبعية في متعلق معنى الحرف هو أحسن التقريرات، واعتراض بعض المحققين عليه كابن يعقوب المغربي في كتابه "مواهب الفتاح في شرح تلخيص المفتاح" بأن التبعية قسم من المصرحة، والمصرحة لابد أن يذكر فيها المشبه به، والتقرير المذكور لم يذكر فيه المشبه به الذي هو المحبة والانتفاع بموسى، وحينئذٍ لا تكون مصرحة، وإذا كانت غير مصرحة لم تكن تبعية = أشرنا للجواب عنه في التقرير المذكور بأن المشبه به الذي هو ترتب العلة الغائية على معلولها كترتب الانتفاع على الالتقاط، هو مدلول لام التعليل واللام المذكورة، فبذكر اللام الموضوعة للعلة الغائية يظهر التصريح بترتب العلة على معلولها، فقد أفادت هذه اللام الأمرين -أعني الأصلي والتابع معًا- لأن متعلق معنى اللام هو الترتب المذكور، فجرت الاستعارة بين الترتيبين بالأصالة، وفي اللام بالتبع لذلك.
واختار بعض المحققين كون الاستعارة في المثال المذكور من الاستعارة بالكناية، بناء على أنها واقعة بين العداوة والحزن مع المحبة والانتفاع.
وكونها مكنية بهذا الاعتبار ظاهرٌ؛ لأنه إذا أريد تشبيه العداوة والحزن بالمحبة والانتفاع بجامع ترتب كل منهما على الالتقاط، فترتب العداوة والحزن عليه في نفس الأمر واقع لا محالة، وترتب المحبة والانتفاع عليه واقع بحسب رجاء آل فرعون وأملهم، ثم حذف المشبه به الذي هو الانتفاع والمحبة، ورمز له بلازمه الذي هو اللام،