الحكم على مدلوله لقصده لغيره، وإنما يحكم على الابتداء عند قطعه عما اعتبر في الحرف، لأنه لازم للمقصود بالحرف لزوم الأعم للأخص كما قدمنا تحريره.
وهذا يقتضي أن نسبة الفعل إلى الفاعل لما كان القصد بها في أصل الوضع استيضاح حال الفاعل لم يصح الحكم عليها، وما لا يصح الحكم عليه لا تجري فيه الاستعارة المقتضية لصحة الحكم بوجه الشبه وهو كذلك، وكان القياس أن لا يصح الحكم بها أيضًا، ولكن صح الحكم باعتبار الحدث المقصود الدلالة عليه على وجه الاستقلال.
وأما قولهم:"زيد قام أبوه" فهو تأويل: قائم الأب، فلم يخبر في الحقيقة بالنسبة الفعلية، بل الموصوفية، فلا يتوهم أنه مما أخبر فيه بالنسبة فقط، إذ الحدث الذي هو القيام ليس لزيد بل لأبيه.
فقد تبين بهذا أن الحاجة لشيء آخر تجري فيه الاستعارة أولًا في الفعل والحرف إنما هي لعدم استقلالهما بالمفهومية حيث قصد الواضع معناهما لغيرهما كما تقدم تحقيقه، وذلك لأن عدم الاستقلال يستلزم عدم صحة الحكم، والاستعارة تستلزم صحة الحكم، فتنافيا.
وما قدمنا في بعض المباحث الماضية من أن الفعل ينحل إلى مصدر وزمن، وأن الزمن لا التفات إليه في الاستعارة، فيتعين قصد المصدر، فتجرى فيه الاستعارة بالأصالة، ثم في الفعل المشتق منه بالتبع له = أورد عليه بعض المحققين اعتراضا، وهو أنَّا نجد بعض الاستعارات مقصودًا فيها الزمن، كما في قوله:{أَتَى أَمْرُ اللَّهِ}[النحل/ ١] المستعار لسيأتي أمر اللَّه، بدليل قوله {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ}، فالمراد