الخواص، فإن كان الجامع ظاهرًا لكل أحد فالاستعارة عامية وهي المبتذلة، لظهور الجامع فيها لعامة الناس، وابتذالها: أي امتهانها بتناول كل أحد لها، نحو:"رأيت أسدًا" لرجل شجاع، و"بحرًا" لرجل جواد. وإن كان الجامع خفيًا لا يظفر بإدراكه إلا من ارتفع عن طبقة العامة، فهي الاستعارة الخاصة وهي الغريبة.
واعلم أن الغرابة تكون بأمور:
منها: أنها قد تكون في نفس الشبه، لكون التشبيه فيه نوع غرابة، كما في تشبيه هيئة العنان في موقعه من قربوس السرج بهيئة الثوب في موقعه من ركبة المحتبي في قول يزيد بن مسلمة بن عبد الملك يصف فرسًا بأنه مؤدب:
عودته فيما أزور حبائبي ... إهماله وكذاك كل مخاطر
وإذا احتبى قربوسه بعنانه ... علك الشكيم إلى انصراف الزائر
والعلك: معناه المضغ. والشكيم: حديدة اللجام التي تدخل في فم الفرس. فمعنى "علك الشكيم": مضغ حديدة اللجام.
واعلم أن الغرابة قد تحصل في العامية المبتذلة بتصرف فيها من المتكلم حتى ينقلها بذلك التصرف من الابتذال إلى الغرابة، كما في قول كثير عزة:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح
وشدت على دهم المطايا رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح